يشكل انعدام الكتب والمراجع الدينية باللغة البرتغالية عائقا كبيرا أمام انتشار الإسلام في البرازيل، رغم تعطش البرازيليين لاعتناق الأديان وحبهم للاطلاع، ورغم عوامل الجذب الموجودة في الإسلام نفسه كواحد من أسرع الأديان انتشارا في العالم.
ويعتقد عدد من العاملين في مجال الدعوة بالبرازيل أن هناك تقصيرا من جانب الدول الإسلامية فيما يتعلق بترجمة الكتب وإيفاد البعثات الدينية التي تخاطب البرازيليين بلغتهم، وهي أمور قد تساهم إلى حد كبير في نظرهم - إذا ما تم تلافيها- في تجاوز حاجز اللغة الذي يحول بين عدد كبير من البرازيليين واعتناق الإسلام.
ويعود انعدام التراجم باللغة البرتغالية إلى عوامل ثقافية أبرزها أن أوائل المسلمين الذين وصلوا إلى البرازيل كانوا من ذوي الثقافة المحدودة، فهم إما عبيد تم استجلابهم من أفريقيا أو مهاجرون جاؤوا من بعض الدول العربية والإسلامية بحثا عن لقمة العيش وانشغلوا بالتالي في أعمال تدر عليهم المال بعيدا عن عالم الثقافة والتأليف.
ويقول الكاتب والمؤلف البرازيلي من أصل عربي سمير الحايك إن من أبناء العرب والمسلمين من نبغوا فيما بعد في مجالات ثقافية وعلمية عدة، لكن معرفتهم باللغة العربية كانت محدودة أو منعدمة.
وأضاف أن الصعوبات التي يواجهها الكتاب من المسلمين البرازيليين في ترجمة بعض المراجع الدينية من اللغة العربية إلى البرتغالية، تكمن أساسا في عدم تمكنهم من اللغتين بما فيه الكفاية، وانعدام المعاجم والقواميس الناطقة بالعربية والبرتغالية، إضافة إلى الصعوبات المادية التي تحول دون النشر في كثير من الأحيان.
وأعطى مثالا على ذلك مجموعة من الكتب الدينية المختلفة التي أنهى ترجمتها إلى البرتغالية ولم يتمكن حتى الآن من طبعها بسبب عدم التمويل، مؤكدا أن أفراد الجالية يهتمون بجمع المال أكثر من اهتمامهم بنشر الثقافة، ما يجعل التبرعات لمثل هذه الأشياء شبه منعدمة.
وخلص الحايك إلى القول إن الحل المناسب الآن - في ظل هذه الظروف- هو الاكتفاء بترجمة بعض الكتب صغيرة الحجم التي ألفها مسلمون غير عرب بلغات أخرى لأنها أقل تكلفة وأسهل قراءة.
ويقدر عدد المسلمين في البرازيل بنحو ثلاثة ملايين في بلد عدد سكانه يناهز 180 مليون نسمة. وافتتح أول مسجد في البرازيل عام 1929، وكانت الهجرات من البلاد العربية والإسلامية بدأت نحو أميركا اللاتينية منتصف القرن التاسع عشر، وكانت أغلب الهجرات من الشام وشبه القارة الهندية ولأغراض تجارية.
ويرى الداعية ياسر حسين أنه يتعين على مسلمي البرازيل التفكير في طرق أخرى لتعريف البرازيليين بالدين الإسلامي في ظل انعدام الكتب والمراجع المترجمة.
وقال إن اعتماد التسجيلات الصوتية على الأقراص المدمجة مثلا يمكن أن يشكل حلا مؤقتا حتى يتمكن المسلمون في البرازيل من تنظيم أنفسهم وتأسيس مؤسسة للأوقاف تهتم بشؤون الدعوة وبناء المساجد وفتح المدارس لتعليم أبناء المسلمين.
غير أن أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة سان باولو حلمي نصر الذي أصدر مؤخرا ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة البرتغالية، يرى أنه لا بديل عن التأليف والترجمة، وأن على الدول الإسلامية أن تساعد مسلمي البرازيل على ذلك، متحدثا في هذا السياق عن تجربته الشخصية التي استمرت عقدين من الزمن عكف خلالهما على ترجمة وتمحيص معاني القرآن الكريم وتمت طباعتها بإشراف من رابطة العالم الإسلامي.
وقال نصر إن الترجمة التي أصدرها كانت الأولى من نوعها واكتسبت أهميتها من أن الشخص الذي أنجزها كان على دراية كافية باللغتين العربية والبرتغالية، وأنها مكنت الكثير من البرازيليين - خاصة من الطبقة المثقفة- من قراءة القرآن وبالتالي من اعتناق الدين الإسلامي، مؤكدا أن المرحلة التالية يجب أن تتمثل في ترجمة أمهات الكتب الإسلامية.